Sunday, September 28, 2014

تحفة باسوليني المقززة

الفيلم الإيطالي الشهير "سالو" Salò, or the 120 Days of Sodomمن الأفلام المقززة والمرعبة ولكنه يتسم بالأهمية والضرورة أيضاً لكي نعرف عن الوجه الآخر للبشرية.

فيلم المخرج بيير باولو باسوليني المنتج في العام 1975 الذي تم منعه أو حتى اقتنائه ك DVD في معظم دول العالم، هو مستوحى من قصة ماركي دو ساد المأخوذة من أحداث حقيقية ببلدة سالو الايطالية أثناء العهد الفاشي.
ويحكي عن أربعة من الفاشيين الأثرياء يجمعون ستة عشر من الاولاد والبنات ويستمتعون بتعذيبهم جسدياً وجنسياً ونفسياً في قصر بعيد لمدة 120 يوماً كنوع من الترفيه..

المخرج الايطالي بيير باولو باسوليني ليس مجرد صانع أفلام فقط، فهو شاعر وروائي، ماركسي تم طرده من الحزب الشيوعي بسبب مثليته الجنسية، وقد توفي بعد إتمام هذا الفيلم مباشرة، وقيل أنه قد قتل بسبب هذا
الفيلم المثير للجدل. وتعتبر أفلامه الآخيرة قبل وفاته من الأفلام الفلسفية والتي تتطلب جمهوراً معيناً ودرجة من العقلانية ليس بالضرورة توفرها في أفلامه الأولى ك Accatone و The Gospel According to St. Matthew. سالو يبدو كرسالة باسوليني الروائي والشاعر لهذا العالم قبل وفاته، إنه العمل السينمائي المتخم بالشر والرعب وكشف الغطاء عن الجانب الأسود في البشر.

رواية دو ساد 120 Days of Sodom عن بلدة سالو والاقطاعيين الفاشيين في ذلك العهد، يعتبرها القراء سودواية الى حد أنك قد لا تستطيع اكمالها، أو يمكنك قراءتها في مزاج اكتئابي. لكن الصدمة البصرية والنفسية تكون حين تشاهد فصولها حية أمام عينيك في فيلم باسوليني الشرير والمهم في نفس الوقت.

يتكون الفيلم عموماً من لقطات طويلة للتعذيب، يبدأ بظهور الفاشيين الأربعة الذين برع باسوليني في اختيار الممثلين لأدوارهم، حيث اختار ملامحاً كثيراً ما نراها في مصحات الأمراض العقلية، بالابتسامات والنظرات المريضة والملامح الممتلئة بكاريزما الصرامة والعدوانية.

الفيلم مشحون بالديكور والاكسسوارات التي تعبر عن تلك الحقبة الزمنية لايطاليا في نهاية حكم موسيليني. كما أن اختيار القصر الذي تجري فيها أحداث القصة كان موفقاً من حيث غرفه ورواقاته وصالاته الفخمة التي لا تحتوي على الكثير من الأثاث، وكأنها مسرحاً كبيراً للترفيه المريض.

لم يتوانى باسوليني عن تجسيد قصة دو ساد بكل صدق ووضوح مع بعض الاضافات، حيث كتب السيناريو بنفسه، ليجعل الأمر أكثر شراً وتأثيراً. ففي الفيلم تنتشر مشاهد الاغتصاب بالجنس العادي والجنس المثلي والرغبات المريضة، حيث يحدث في أحد المشاهد أن يتم إجبار أحد الفتيات على أكل براز أحد الاقطاعيين الأربعة في وسط ضحكاتهم وتلذذهم ببكاءها وارتجاف يديها، وفي مشهد آخر يتم ضرب الضحايا العراة بالسياط في مشهد جنوني ومؤذي للعين، في معظم الأحداث يظهر الضحايا عراة ومربوطين بسلالسل الكلاب في نوع من العبودية لم يسبق له مثيل في تاريخ السينما.

رغم أن الفيلم صعب في تقبله، لكنه مهم جداً كما يعبر كثير من النقاد والكتاب حول العالم. فأهميته تكمن في صدق الأحداث التي كانت كثيراً ما تجري في أيطاليا في ذلك الزمان، فبطون الكتب الأوروبية تمتلئ بالكثير من القصص الحقيقية حول الاستعباد البشري والنازية والفاشية وتحقير الآخر. فأوروبا التي نعرفها الآن لم تولد في بستان من الورود والعصافير والفراشات، بل إن هذه المجتمعات هي نتيجة للمعاناة والظلم وتحقير الآخر والقتل والتعذيب. فبعد الحرب العالمية الثانية انشغلت المجتمعات الأوروبية بتنمية روح السلام والانسانية التي تطورت سريعاً وانتشرت الى كل العالم.

إن مشاهدة مثل هذه القصص تجعلنا ننتبه للنقطة المهمة: أن الانسان بعقله المعقد يمكنه أن يفعل أي شر يمكنك تصوره، ويمكنه العودة دوماً لأصوله الحيوانية رغم كل الوهم الحضاري والأخلاقي.
إنه من نوعية تلك القصص التي تجعلك تفكر كثيراً في ماهية الانسان وتركيبه النفسي والأحيائي، سيراجع عقلك كل الكوارث البشرية منذ غابر الزمان وحتى القرن الذي نعيشه الآن، مبتدئين يومنا بأخبار القتل والذبح والتعذيب. إن العنصرية والكراهية والاغتصاب والتعذيب والذبح ليس بالشئ الصادم: إنها سمة أحيائية "طبيعية" وستستمر مع بقاء البشر. فبيير باولو باسوليني صانع الأفلام الشاعر والروائي، أراد في فيلمه الغريب هذا أن نضع في الاعتبار أننا الحيوان الأكثر فتكاً وشراً على وجه هذا الكوكب.

1 comment:

  1. Good morning, how are you?

    My name is Emilio, I am a Spanish boy and I live in a town near to Madrid. I am a very interested person in knowing things so different as the culture, the way of life of the inhabitants of our planet, the fauna, the flora, and the landscapes of all the countries of the world etc. in summary, I am a person that enjoys traveling, learning and respecting people's diversity from all over the world.

    I would love to travel and meet in person all the aspects above mentioned, but unfortunately as this is very expensive and my purchasing power is quite small, so I devised a way to travel with the imagination in every corner of our planet. A few years ago I started a collection of used stamps because through them, you can see pictures about fauna, flora, monuments, landscapes etc. from all the countries. As every day is more and more difficult to get stamps, some years ago I started a new collection in order to get traditional letters addressed to me in which my goal was to get at least 1 letter from each country in the world. This modest goal is feasible to reach in the most part of countries, but unfortunately, it is impossible to achieve in other various territories for several reasons, either because they are very small countries with very few population, either because they are countries at war, either because they are countries with extreme poverty or because for whatever reason the postal system is not functioning properly.

    For all this, I would ask you one small favor:
    Would you be so kind as to send me a letter by traditional mail from Sudan? I understand perfectly that you think that your blog is not the appropriate place to ask this, and even, is very probably that you ignore my letter, but I would call your attention to the difficulty involved in getting a letter from that country, and also I don’t know anyone neither where to write in Sudan in order to increase my collection. a letter for me is like a little souvenir, like if I have had visited that territory with my imagination and at same time, the arrival of the letters from a country is a sign of peace and normality and an original way to promote a country in the world. My postal address is the following one:

    Emilio Fernandez Esteban
    Avenida Juan de la Cierva, 44
    28902 Getafe (Madrid)
    Spain

    If you wish, you can visit my blog www.cartasenmibuzon.blogspot.com where you can see the pictures of all the letters that I have received from whole World.

    Finally, I would like to thank the attention given to this letter, and whether you can help me or not, I send my best wishes for peace, health and happiness for you, your family and all your dear beings.

    Yours Sincerely

    Emilio Fernandez

    ReplyDelete